قراءة تحليليه مفصله في لقاء الملك مع ترامب…التهجير ليس كرة لتلقى في الملعب الأردنيالقضية عربيه فلسطينيه و ليست أردنية فلسطينيه

كتبت علا الشربجي
هاج وماج الشارع العربي بعد زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ولقائه بدراكولا الشوق الأوسط ، دونالد ترامب، الذي اشتهر بسياساته المثيرة للجدل في الشرق الأوسط. انقسمت الآراء بين من رأى في الزيارة خطوة ضرورية لتعزيز الحضور الأردني في المشهد السياسي الإقليمي، وبين من اعتبرها مجازفة قد تُلقي بظلال سلبية على موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية
بين الامتعاض والتأييد: موقف الأردن بين الضغوط و المصالح؟
لطالما وجد الأردن نفسه في موقف حساس بين ضغوط القوى الكبرى والتزاماته التاريخية تجاه
فلسطين. امتعض البعض من اللقاء، معتبرين أن أي تواصل مع ترامب، الذي كان قد أعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، يُعد تطبيعًا غير مباشر مع سياساته. ومن جهة أخرى، رأى المتوازنين أن الملك سعى لإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة في وقت كانت فيه الأولوية تتجه نحو تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، متجاوزةً الحق الفلسطيني.
محاولة شريرة لتعليق الجرس و تحميل المسؤولية لعمان في اتخاذ قرار تهجير الفلسطينيين و كأن عند ساعة الصفر لا أحد يملك التحكم بمصير التهجير إلا الأردن .. إلقاء اللوم على الأردن وكأنه هو المعني الوحيد باتخاذ القرار بشأن التهجير
تصوير الملك على انه المتحكم الوحيد في المصير الفلسطيني، رغم أن القرار الفعلي في يد إسرائيل والولايات المتحدة في ظل تخلي الدول العربيه " المتبقيه في القائمة العربيه " عن دعم الأردن " اقتصاديا " .
متجاهلين ان اي قرار اردني سيكون رد فعل على الأحداث وليس مبادرة منه في ظل رفضه لتحمل مسؤولية حل القضية داخل حدوده مع حرصه على التذكير و التأكيد بأن القضية الفلسطينيه هي قضية عربية و ليست فقط أردنية _فلسطينية
اما الغرب سيترجم و يجير رفض الأردن أي مشروع تهجير لتهمة عرقلة “السلام” التي سيدفع الأردن فاتورة اللاءات الثلاث " لا للتهجير ، لا للتوطين ، لا للوطن البديل "
الأردن في المشهد الفلسطيني : سياق تاريخي و استراتيجي
منذ عقود، كان الأردن لاعبًا أساسيًا في الملف الفلسطيني، بحكم الجغرافيا والتاريخ والديموغرافيا احتضن الأردن موجات من اللاجئين الفلسطينيين، ودافع عن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. لكن مع تصاعد موجات التطبيع العربي، وجدت عمّان نفسها أمام تحدٍ جديد: كيف تحافظ على دورها المحوري دون أن تنجرف في تيارات السياسة الإقليمية التي تسعى إلى تهميش القضية الفلسطينية؟
يدرك الأردن، قيادةً وشعبًا، أن استقراره مرتبط بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية. فلا يمكن تجاهل التأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قد تنجم عن أي حل غير عادل للصراع. لذلك، فإن تحركات الملك عبد الله في الساحة الدولية ليست مجرد لقاءات دبلوماسية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع لحماية المصالح الأردنية وضمان عدم تهميش القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية مع محاولة ارسال التنبيه للعرب بأن فلسطين العربيه يجب أن تبقى قضية المحافل الدولية و العربيه حتى و إن تطلع العرب إلى فتح آفاقهم مع الغرب .
فرغم موجات التطبيع العربي مع إسرائيل ذلك التطبيع الذي كان تهمة للأردن بيوم ما ، لا يزال الأردن متمسكًا بموقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالحل العادل على أساس حل الدولتين، ورفض تهويد القدس، ودعم حقوق الفلسطينيين.
قد يختلف البعض حول الأسلوب، ولكن يبقى الهدف واضحًا: الأردن يدافع عن مصالحه الوطنية، لكنه في الوقت ذاته لا يتخلى عن موقفه التاريخي من القضية الفلسطينية. بين من يرى الزيارة خطوة ضرورية لحماية الدور الأردني، ومن يعتبرها مغامرة غير محسوبة، يبقى الواقع أن السياسة لا تُدار بالعواطف، بل بمزيج من المبادئ والمصالح. والسؤال الذي يبقى مطروحًا: كيف يمكن للأردن أن يواصل لعب هذا الدور في ظل التغيرات المتسارعة في المنطقة؟
سيناريوهات المستقبل : الى اين يتجه الأردن ؟
في ظل المتغيرات المتسارعة يمكن رسم عدة سيناريوهات لمستقبل الدور الأردني في القضية الفلسطينية
السيناريو الاول :"سباق المساومات الاقتصادية " استغلال الوضع الاقتصادي للتأثير على الموقف الأردني
لا يمكن فصل الموقف السياسي عن الواقع الاقتصادي. الأردن يعاني من تحديات اقتصادية كبرى، وقد تتزايد الضغوط عليه للقبول بتسويات معينة تتماشى مع الرؤية الأمريكية والإسرائيلية. من المحتمل أن نشهد محاولات لتقديم مساعدات مالية للأردن .
السيناريو الثاني : تعزيز الدور الأردني كمدافع عن القضية الفلسطينية
هذا السيناريو قد يكون ضربا من الخيال اذ يحتاج إلى تعزيز التحالفات مع الدول العربيه و دعهما المادي القوي للأردن لتعزيز تحركاته الدبلوماسية في المحافل الدولية، خاصة مع الإدارة الأمريكية الحالية التي تبدو أقل انحيازًا لإسرائيل مقارنة بإدارة ترامب.
السيناريو الثالث : تصاعد الضغوط الإسرائيلية ومحاولات فرض واقع جديد
إسرائيل، مدعومة ببعض التيارات اليمينية المتطرفة، قد تحاول فرض سياسات جديدة تهدف إلى تقليص الدور الأردني في القدس أو الضغط لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بشكل غير مباشر. هذا السيناريو قد يؤدي إلى تصعيد سياسي، وربما توترات دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل، خصوصًا إذا استمرت السياسات الاستيطانية والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
السيناريو الرابع و الأقرب إلى التطبيق :تنفيذ صفقة القرن و اقتطاع أراض أردنية "
" فاذهب انت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "
منذ الإعلان عن صفقة القرن وخطط ترامب المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، كانت هناك تكهنات حول محاولات إسرائيل إعادة تشكيل الخارطة الجغرافية للمنطقة بطرق تتجاوز مجرد السيطرة على الضفة الغربية، وصولًا إلى أفكار إعادة رسم الحدود مع الأردن.
لنكون من ناريين ، الدفاع عن المصالح الوطنية و فرض السيادة و نار مواجهة التيارات اليمينية المتطرفة الهادفه إلى تقليص الدور الأردني في القدس و الضغط لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بشكل غير مباشر.
لكن السؤال هنا : من سيدعم الأردن في الدفاع عن حدوده
لماذا يسعى الأردن الى تدويل القضية الفلسطينية ؟
اولا : التحولات في أولويات بعض الدول العربية:
كان الأردن دائمًا في الخط الأمامي للدفاع عن الحقوق الفلسطينية لكن اليوم تغيرت أولويات بعض الدول العربية مما دفع به إلى إعادة تموضعها في هذا الملف، عبر الدفع بالقضية الفلسطينية إلى الساحة العربية، وكأنها محاولة لتوزيع المسؤولية بدلًا من تحملها منفردًا.
ثانيا : تعزيز الموقف الفلسطيني عربيًا
يسعى الأردن لإعادة إشراك الدول العربية الأخرى، خاصة تلك التي لم تدخل في اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل.
بدلًا من أن يكون الأردن هو الصوت الوحيد المدافع عن الحقوق الفلسطينية .
هل تنجح هذه الاستراتيجية؟
رغم أن الدفع بالقضية الفلسطينية إلى الساحة العربية خطوة منطقية، لكن نجاح تلقي الفكره يعتمد على مدى استعداد الدول العربية الأخرى للانخراط الفعلي في دعم الفلسطينيين.
التحدي الأكبر هو أن بعض الدول العربية باتت منشغلة بمصالحها الداخلية أو باتت ترى في التطبيع مع إسرائيل بوابة لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية، ما قد يجعل من الصعب إعادة القضية الفلسطينية إلى موقعها المركزي كما كانت في العقود الماضية.
تلك التشاركية من الملك و الوضع تحت المجهر غابت عن معظم الواصفين لمشاركة الملك و انتظار الخطة المصريه العربيه ليعود و يؤكد أن القضية ليست أردنية فلسطينيه بل هي عربيه فلسطينيه
فالموقف الأردني ليس مجرد رد فعل عابر، بل هو اختبار حقيقي للثوابت الوطنية الأردنية ولحماية مصالح الأردن الاستراتيجية في ظل هذه الضغوط الدولية المكثفة.
السؤال الأهم: كيف يمكن للأردن أن يواصل لعب دوره في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة؟ وهل سيجد الدعم العربي الذي يسعى إليه، أم أنه سيواجه هذه التحديات وحيدًا؟