محمود الدباس : أبو حمور لم يلتفت للخلف..

منذ أن وطئت قدماه المركز الوطني للبحوث الزراعية.. كان الدكتور خالد أبوحمور يدرك أن أمامه طريقاً شاقاً محفوفاً بالكثير من التحديات.. لم يكن ممن ينخدعون بالمظاهر.. أو يركنون إلى التصفيق والضجيج الفارغ.. بل كان يؤمن أن الإنجاز وحده هو الحصن الحقيقي لأي مسؤول.. لكنه وجد واقعاً مغايراً.. حيث كانت الشعارات تعلو فوق الحقائق.. والإنجازات الوهمية هي ما يحمي البعض.. أما العمل الجاد.. فكان مغيبًا وسط زحام الكلمات الرنانة..
أبوحمور لم يأتِ ليكون شاهد زور على مرحلة من الجمود والضياع.. بل دخل في صلب العمل دون تردد.. التقى بالجميع في المركز والأقاليم.. استمع.. ورصد.. وحلل.. ثم بدأ بإعادة ضبط المسار.. بما يخدم الهدف الأسمى.. لم يكن قراره سهلاً.. عندما قرر كف يد من لا ينتج.. وتعزيز مكانة من يستحق.. لكنه كان ضرورياً.. وهذا ما أثار عليه سخط من اعتادوا على المظاهر دون المضمون..
لم يكن التحديث بالنسبة له مجرد شعارات.. بل نظر في برنامج التحديث الاقتصادي.. والخطة الوطنية للزراعة المستدامة.. بعين الباحث عن الأثر الحقيقي.. وضع المركز الوطني في موقعه الصحيح داخل هذه التوجهات.. أوقف التشتيت والتداخل غير المجدي.. ألغى المشاريع الشكلية.. التي كانت عبئاً بلا فائدة.. وجّه البوصلة نحو البحث العلمي الجاد.. ودعم الإرشاد الزراعي والتمويل التعاوني.. جعل العمل البحثي أداة تطوير.. لا وسيلة للتدخل في أعمال الآخرين.. وهذا وحده كان كفيلاً بإثارة من تضررت مصالحهم.. فشنوا عليه هجمة أخرى..
لكن أبوحمور لم يكن من مدرسة الرجل الواحد.. بل آمن بأن الإدارة الحقيقية.. هي في بناء الصفوف القوية.. لا في إبراز الفرد وتمجيده.. مضى في تقييم القيادات.. منح الفرصة لمن يملك الفكر والطموح.. وأزاح من لا يجيد سوى التصفيق.. فتح بذلك جبهة جديدة من الهجوم.. لكنها لم تزده إلا يقيناً بأنه يسير في الطريق الصحيح..
رجل لا يعمل في الظل.. لا يجيد الكذب.. ولا يتقن التضليل.. ميدانه الشمس.. وسلاحه العمل.. ترجم الرؤية الملكية في تطوير القطاع الزراعي.. إلى خطوات عملية.. تقاس بنتائجها.. لم يلتفت لمن يحاول التشويش عليه.. أو دفعه للتراجع.. فهو يدرك أن كل قرار اتخذه.. كان ثمرة دراسة وتقييم.. لا يخشى المواجهة.. لأنه يسير وفق القانون.. والمنطق.. والمسؤولية.. أما أصحاب المصالح الضيقة.. والمكتسبات الخاصة.. فقد كان طبيعياً أن يهاجموه.. فالعمل الجاد.. لطالما كان العدو الأول.. لمن اعتادوا التربح من الفوضى..
أبوحمور لم يلتفت للخلف.. لأنه ببساطة.. لا وقت لديه للرجوع..
محمود الدباس - أبو الليث..