فايق حجازين يكتب : موازنة تنموية

نهج الحكومة الذي اتبعته في إعداد الخطة المالية للعام المقبل 2025، نهج تنموي اقتصادي مرتبط مباشرة بخطة التحديث الاقتصادي، ويراعي الصدمات الخارجية، ويأخذ بعين الاعتبار أهمية تحقيق نمو اقتصادي، ولو بنسب بسيطة، لكنه يؤكد حصافة التعامل مع المتغيرات بما يكفل الصمود في وجه متغيرات، أقل ما توصف بأنها «عاتية» مرت على المنطقة.متغيرات تم التعامل معها بحنكة، لتقليل أثرها السلبي إلى أقل درجة ممكنه، فبات النمو في الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لنهاية العام 2.3 بالمئة، وانخفض معدل البطالة إلى نحو 21.4 بالمئة وتحسن العجز في الميزان التجاري بانخفاضه بنسبة 3 بالمئة، هذا على المستوى الكلي. أما مؤشرات المالية العامة فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع تراجع الإيرادات بزيادة كفاءة النفقات وضبطها، اسهمت في المحافظة على العجز قرب المستويات المتهدفة.الحكومة بنت الموازنة للعام المقبل وقدمتها لمجلس النواب، في وقت تدخل فيه المنطقة بنفق مع تصاعد الاحداث سواء في لبنان وفلسطين، أو في الجارة الشمالية سوريا، لكنها متحفظة لان الأزمة التي تعيشها المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة لازالت ضاغطة، ومع ذلك قدرت الموازنة بنحو 12 مليار و511 مليون دينار بزيادة 6 بالمئة عن العام 2024 بما فيها ارتفاع النفقات الرأسمالية التي تمول المشاريع بنسبة 16.5 بالمئة إلى مليار و469 مليون دينار مقابل ايرادات عامة نحو 10 مليارات و233 مليون دينار ليبقى العجز المتوقع حوالي 5.7 بالمئة من الناتج وبقيمة مليارين و278 مليون دينار.الحكومة وعدت أن تتعامل مع ملف الدين العام بجدية من ناحية إعادة هندسة الدين العام ليبقى بحدود 90 بالمئة من الناتج المتوقع للعام المقبل، وضمن خطة تدريجية ليصل إلى 80 بالمئة بنهاية عام 2028.خطة الحكومة في إعادة هندسة الدين العام باستغلال انخفاض اسعار الفائدة على الدولار التي بدأت بالانخفاض بعد سلسلة ارتفاعات متتالية، تتضمن الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة لسداد ديون بسعر فائدة مرتفع ما يضمن تخفيض الدين سواء بالقيمة المطلقة أم كنسبة من الناتج ويسهم ايضا في تخفيض خدمة الدين التي ترهق الموازنة سنويا.الجانب التنموي الاقتصادي يتمثل في الإعفاءات التي تقدمها الحكومة للقطاع الخاص والمواطنين ومن ابرزها اجراءات تحفيز القطاع العقاري، والمرتبط به النشاط السكاني، ودعم الصادرات الخدمية؛ الأولى تسهم في تحريك نشاطات تتداخل بالعقار والإسكان تصل إلى 35 نشاطا، والثانية تسهم في زيادة الصادرات الخدمية خصوصا من القطاعات التي تمثل القيمة المضافة المحلية فيها النسبة الأكبر مثل صادرات تكنولوجيا المعلومات.قانون الموازنة يحتاج إلى أمرين؛ تفهم كامل لفلسفته من قبل السادة النواب، والتزام في التنفيذ من قبل الوزارات والمؤسسات حتى ينجح في تحقيق اهدافه لاسيما ضبط الدين العام وتحقيق النمو المنشود