بورتريه | حمد الفرحان : سيرة حافلة بالانجاز *

هشام عودة
ولد في "النعيمة" عام 1921 ، العام الذي شهد اعلان تأسيس الكيان السياسي المعاصر في الاردن ، ودرس في مدارس بلدته ومدارس "اربد" وتخرج من ثانوية السلط عام 1938 ، حيث زامل عددا من الطلاب الذين أصبحوا رموزا سياسية واقتصادية لامعة في النصف الثاني من القرن العشرين ، لعل أبرزهم الراحلان وصفي التل وخليل السالم اللذان ارتبط بهما "أبومناف" بعلاقة من نوع خاص.
تفوقه في المدرسة ساعده في الحصول على بعثة لدراسة الفيزياء في الجامعة الاميركية في بيروت ، ويتخرج فيها عام 1941 ليعود معلما في عدد من مدارس اربد والسلط وعمان ، ويصبح في العام 1944 مديرا لثانوية عمان ، قبل ان يتم ايفاده لدراسة الاقتصاد في العاصمة البريطانية لندن.
عمل في وزارة الاشغال ، في دائرة كانت تسمى "النافعة" المختصة بشق الطرق وتعبيدها ، كما عمل سكرتيرا في مجلس الوزراء في حكومة توفيق ابوالهدى ، قبل ان يصبح في العام 1951 وكيلا لوزارة الاقتصاد الوطني وهو المنصب الذي شغله حتى العام 1957 ، وهي فترة شهدت انجازات اقتصادية مهمة في تلك المرحلة ، وعمل مع عدد من الوزراء الذين تتابعوا على قيادة الوزارة في النصف الاول من خمسينيات القرن الماضي.
اثناء دراسته في الجامعة الاميركية في بيروت وما بعدها ، كان حمد الفرحان ناشطا في صفوف حركة القوميين العرب ، وكان احد ابرز مؤسسي فرعها في الاردن مطلع الخمسينيات ، وتقول الرواية المتداولة ان "أبا مناف" مع مجموعة من اصدقائه ورفاقه قرروا عام 1941 التوجه سيرا على الاقدام الى بغداد لمساندة حركة العقداء الاربعة التي قادها رشيد عالي الكيلاني ضد الجيش البريطاني في العراق ، لكن قلة الامكانيات وسرعة الاجهاز على تلك الحركة منعا الشباب المتحمسين من مغادرة عمان.
سنوات طويلة قضاها رئيسا لمجلس ادارة شركة الملاحة العربية ، بدأت في العام 1957 بالتزامن مع رحيل حكومة الرئيس سليمان النابلسي ، وفي الوقت ذاته شغل منصب رئيس مجلس ادارة شركة الورق الاردنية ، وشركة الاسماك الاردنية ، ليسهم بخبرته الاقتصادية المتراكمة وادارته المسؤولة في تحقيق انجازات ملموسة في عائدات تلك الشركات.
رغم انه غادر الهيكل التنظيمي لحركة القوميين العرب التي انتمى لها منذ شبابه المبكر ، إلا ان حمد الفرحان لم يغادر دائرة منظومة افكاره ومعتقداته ، فظل في تصنيفات الشارع الاردني واحدا من رموز الحركة القومية في الاردن ، ومرجعا لا يمكن تجاوزه في الساحة السياسية ، وارتبط اسمه منذ سنوات بعيدة بالمنتدى العربي الذي ترأسه ، وتحول في زمن قيادته الى منبر مهم في الحياة السياسية والثقافية في الاردن ، وكان أحد أبرز مؤسسي المنظمة العربية لحقوق الانسان في الاردن ، والمؤتمر القومي الذي كان احد رموزه اللامعة ، اضافة الى كونه احد مؤسسي مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.
تم اختياره عضوا في مجلس الاعيان ، واستحق التكريم في مسيرته الطويلة ، حيث حاز على وسام الكوكب من الدرجة الثالثة واوسمة اخرى من سورية واسبانيا ، وتحمل اليوم اسمه كثير من الشواخص في الأردن من بينها مدرسة وشارع وغيرهما ، وقد توفي في الثالث والعشرين من نيسان عام 2000 عن تسعة وسبعين عاما ، وتم دفن جثمانه في مسقط رأسه النعيمة وسط حضور رسمي وشعبي لافت.